لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح لمعة الاعتقاد
195023 مشاهدة
أبو بكر ناصر الدين وقامع المرتدين

نصر الله تعالى به الإسلام بعدما مات النبي صلى الله عليه وسلم، أولا: جهز الجيش الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جهزه، وأمَّر عليه أسامة فأرسله كما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم، أشار عليه بعض الصحابة أن لا يرسله، قال: إنهم سيتعرضون للكفار، فقال: لا أترك جيشا جهزه النبي صلى الله عليه وسلم. فأرسله؛ فذهبوا إلى أطراف الشام وقاتلوا ورجعوا سالمين غانمين، وكلما مروا بأناس قالوا: لو كان هؤلاء ضعفاء ما أرسلوا هذا الجيش في هذه الحالة.
ثم أرسل أيضا جيشا لقتال المرتدين؛ فانتصروا على كل المرتدين من العرب، وكذلك على المتنبئين الذين ادعوا النبوة كسجاح امرأة ادعت النبوة، وطليحة الأسدي وآخرهم مسيلمة الذي كان معه أكثر من مائة وعشرين ألف مقاتل، توجه إليه خالد بن الوليد ومعه نحو سبعة آلاف فنصرهم الله تعالى على أولئك الخلق العظيم، وقتلوا مسيلمة ولما قتلوا مسيلمة كأن جمعه كانوا زجاجة كسرت وانتثر ما فيها؛ فتفرقوا، وتمت الخلافة لأبي بكر رضي الله عنه.
ثم بعده بايعوا لعمر رضي الله عنه، عهد إليه أبو بكر وأوصاه بوصايا، ورأى أنه أهل للخلافة، وذلك لقوته وصرامته، ثم بعده عثمان رضي الله عنه حيث اتفق أهل الشورى على تقديمه، ورأوا أنه أولى من يصلح للخلافة، ثم بعد قتله رضي الله عنه بايعوا عليا رضي الله عنه وذلك لفضله وإجماع أهل عصره عليه، حتى أهل الشام يعترفون بأنه أولى؛ ولكنهم طالبوا أن يمكنوا من قتلة عثمان وقال له أهل الشام ومعاوية نحن نبايعك ولكن قبل ذلك مكنا من قتلة عثمان حتى نقتلهم، فقال: بايعوني حتى يتم لنا الأمر، ثم بعد ذلك نتتبعهم ونقتلهم واحدا بعد واحد.
علم رضي الله عنه أنه إذا قتلهم غضب لهم أقوامهم؛ لأنهم سادة وقادة وشرفاء في أقوامهم ومشاهير في أقوامهم؛ فخاف أنه إذا قتلهم أن يثور عليه أقوامهم، فلم يتجرأ على ذلك، ولم يبايعه معاوية مع اعترافه بأفضليته.
هؤلاء هم الخلفاء الراشدون، والأئمة المهديون الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي وقد تقدم هذا الحديث في مقدمة الكتاب مقدمة الرسالة حيث قال: عليكم بسنتي .
يعني: تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وسماهم خلفاء، وسماهم راشدين، وشهد لهم بأنهم مهديون؛ أي: أنهم من أهل الهداية، وهكذا ترتيبهم، ترتيبهم في الخلافة كترتيبهم في الفضل، وورد أيضا في حديث سفينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكا ؛ فإذا حسبنا إذا آخرها علي وخلافة ابنه الحسن ؛ فإن أبا بكر بقي أقل من ثلاث سنين، وعمر عشر سنين هذه ثلاث عشرة، وعثمان اثنا عشر سنة هذه سبع وعشرون أو ست وعشرون، وعلي بقي أربع سنين وتتمة الخلافة خلافة ابنه فكانت ثلاثين سنة.